التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر
17 Sep, 202518 يونيو، 2025
أضحى التميّز في مجال التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر من المهارات الرئيسية التي لابدّ أن يتمتع بها الخبراء والعاملين في مجال العلاقات العامة، وذلك في خضم عالم تسوده موجات الشكّ وعدم اليقين، وتصطدم مساراته بمختلف التحديات التي تطال السمعة والمكانة. لذا، توفر جامعة زايد فرصة الالتحاق ببرنامج ماجستير الآداب في الاتصال، الذي يقدم خيار التخصص في العلاقات العامة الاستراتيجية عبر مجموعة من المقررات والمناهج الدراسية التطلعية، المصممة لتلبية كافة متطلبات الممارسات العملية. ولعل من أبرز هذه المقررات الاتصال في إدارة الأزمات والمخاطر، الذي ترعاه وتدرسه د. يوليا ميدفيديفا، الأستاذة المساعدة في كلية علوم الاتصال والإعلام، وتُقدم من خلاله للطلاب مزيجاً فريداً من الدقة الأكاديمية والرؤية الواقعية. تحمل د. يوليا شهادة الدكتوراه في الصحافة من جامعة ميسوري، مع مجموعة من الأبحاث المتخصصة في كيفية تسهيل وتبسيط التعلّم عبر الوسائط، خاصة بالنسبة لمن لا يتقنون اللغة أو لا يتمكنون من الوصول إلى المؤسسات التعليمية، وذلك بتقديم تجربة تعليمية أصيلة ومتعمقة من الناحية النظرية والعملية للطلاب. هذا، وقد سلطت د. ميدفيديفا الضوء، خلال لقاء أجري معها مؤخراً، على منهجيتها التعليمية وجوهر مقرر الماجستير الخاص بالتواصل في إدارة الأزمات والمخاطر، حيث استطاعت إيصال رسالة بالغة الأهمية والوضوح مفادها أن "تخصص طلاب الماجستير في هذا البرنامج لن يقف عند تعلّم كيفية إدارة الأزمات فحسب، بل سيتخطى هذه الحدود كثيراً لتعلّم كيفية تحقيق القيادة الناجحة خلال الأزمات".
وضع الأساس: ماذا يغطي مقرر البرنامج
يستهل مقرر التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر (SPC615) مسيرته بإرساء الأساس القوي للنظريات والمفاهيم الرئيسية التي تُعرّف وتحدد ماهية التواصل في الأزمات والمخاطر، قبل انتقاله بخطى سريعة نحو التطبيق العملي للنظريات، التطرق للأبحاث، دراسة حالات التواصل في الأزمات والمخاطر، التأكيد على أساليب وتقنيات خطط إدارة الأزمات والمخاطر، التخطيط لما قبل وما بعد الأزمة، إدارة التواصل في الأزمات، التعامل مع وسائل الإعلام، واستعادة الصورة والمكانة.
وتوضح د. ميدفيديفا هذه النقطة قائلةً: "نحن نقوم باستكشاف الدور الحيوي الذي يلعبه أخصائي العلاقات العامة في سياق عمله ضمن مؤسسة تمر بأزمة ما، فالأمر يتعلق بتعلّم كيفية التصرّف بشكل أخلاقي، تجنب إغراءات استغلال حالة الشك وعدم اليقين، مع تطبيق استراتيجيات التواصل التي من شأنها المساهمة في تجاوز الأزمة بنجاح وفعالية". وتعزز د. ميدفيديفا آلية التعلّم خلال هذا البرنامج بمجموعة من الكتب المتخصصة والمختارة بعناية، بما فيها مقالات تركز على كيفية التواصل بين مختلف الثقافات، وهو موضوع وثيق الصلة بالبيئة المهنية المتنوعة التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة.
سيناريوهات عملية من داخل وخارج الإمارات
المسار النظري بحد ذاته غير كافٍ. لذا، يستند مقرر برنامج التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر على التجارب القادرة على دفع الطلاب ضمن مسارات وسيناريوهات واقعية تعكس ما قد يتعرضون إليه قريباً عند بدء مسيرتهم المهنية، أي أن طلاب البرنامج سيشاركون بمجموعة من تمارين العصف الذهني بهدف تحديد الأزمات المرتبطة ببيئات عملهم الحالية، أو المستقبلية.
بالإضافة إلى ما سبق، سيعمل الطلاب على تطبيق نظريات التواصل ضمن تجارب محاكاة محددة للأزمات، والتدرّب على صياغة الرسائل ضمن المسارين، الأول قبل وقوع الأزمة (التواصل بشأن المخاطر)، والثاني بعد وقوعها (الاستجابة للأزمات). ومن أبرز مزايا المقرر معرفته العميقة بالأحداث الحقيقية التي انعكست على دولة الإمارات. فعلى سبيل المثال، قام الطلاب بتحليل أزمة الطيران المتعلقة بالمخاوف التي تدور حول بطاريات الليثيوم، والتي أدت إلى حادث تحطم مأساوي لطائرة شحن في الشارقة عام 2010، حيث أشارت د. ميدفيديفا إلى أن "الحادث أدى لإحداث جملة من التغييرات واسعة النطاق على مستوى التواصل بشأن مخاطر الطيران"، مستشهدةً بالسؤال السائد حالياً حول قابلية منع حمل البطاريات القابلة لإعادة الشحن خلال إجراءات تسجيل الدخول إلى المطارات قبل السفر، وذلك كنتيجة مباشرة لتلك الإصلاحات.
دمج الذكاء الاصطناعي واستراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي
تعي د. ميدفيديفا تماماً مدى أهمية البيئة الرقمية المتطورة المحيطة بنا، لذلك عملت على دمج أبرز هذه المواضيع مثل الذكاء الاصطناعي واستراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي ضمن المقرر التعليمي، حيث شددت على أن "أهم النقاط الرئيسية تكمن في ضرورة وجود علاقة مع الأطراف المعنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل وقوع الأزمة، حيث يتوجب عليك معرفة مكان تواجد جمهورك المستهدف، والاستعداد للتواصل معهم وفق شفافية، وضمن السياق، ووفق معايير أخلاقية". هذا، وتعتبر الطبيعة ثنائية الاتجاه لوسائل التواصل الاجتماعي نقطة قوة وتحدٍ في الوقت ذاته. فلن يقف حدود تعلّم الطلاب على كيفية بث الرسائل فحسب، بل سيتخطاه لتعلّم كيفية الاستماع، الرد على التعليقات، وإدارة المعلومات المضللة، وبشكل خاص ضمن بيئات العمل عالية الضغط. وفي الوقت نفسه، يعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة صياغة كيفية تتبع المؤسسات للأزمات، والاستجابة لها في الوقت الفعلي، وهو ما أكدت عليه د. ميدفيديفا قائلةً: "قمنا باستكشاف إمكانية طرح الذكاء الاصطناعي للمواضيع الصاعدة ضمن المناقشات العامة، ومدى قدرته على خلق تحديات جديدة، مثل تقنيات التزييف العميق، بالإضافة إلى استعراض استراتيجيات التواصل المطلوبة للاستجابة بسرعة ومصداقية".
المشاريع الهادفة: استعراض حالات الأزمات الخاصة بدولة الإمارات
بهدف تعزيز آلية التعلّم، ينبغي على طلاب البرنامج إتمام مشروعين أساسيّين، أولهما مراجعة الحدث، وثانيهما وضع خطة لإدارة التواصل في الأزمات. خلال إعداد مشروع مراجعة الحدث، يتوجب على الطلاب المتخرجين اختيار أزمة وقعت مؤخراً في دولة الإمارات، والعمل على تطبيق إطار عمل رسمي للتواصل من أجل تقييم مدى استجابة المؤسسة. فعلى سبيل المثال، قامت إحدى طالبات البرنامج بمراجعة تعيين معالي الدكتور سلطان الجابر رئيساً للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28)، وتحديد مجالات تحسين مستوى الرسائل العامة التي تدور حول خبراته البيئية. وهو ما وضع الأساس لخطة إدارة التواصل في الأزمات، حيث قامت برسم خارطة طريق استراتيجية لتعزيز التواصل الاستباقي المرتبط بالأحداث المستقبلية. وقد أثنت د. ميدفيديفا على "مشاريع طلاب البرنامج التي تحفز على طرح وتطوير حلول تتماشى مع السياق الاجتماعي، الاقتصادي، والإعلامي الخاص بدولة الإمارات".
مواكبة الأولويات الوطنية والنمو الوظيفي
لعل من أبرز ما يميز هذا المقرر التعليمي مواكبته العالية والدقيقة لمشهد قنوات التواصل والأولويات الوطنية لدولة الإمارات، بما فيها المرونة الوطنية والتأهب للأزمات، السمعة والتنافسية العالمية، عمليات التحول الرقمي والحوكمة الذكية، الثقة العامة والشفافية، والتواصل الاستراتيجي ضمن مجتمع متعدد الثقافات. وتماشياً مع الأهداف الوطنية، يساهم المقرر الخاص بالتواصل في إدارة الأزمات والمخاطر بتحقيق أهداف رؤية دولة الإمارات، الكامنة في إيجاد مجتمع آمن، مرن، يحظى باحترام وتقدير عالمي.
"نحن نتطرق إلى القطاعات الحيوية التي تحتل مرتبةً بالغة الأهمية بالنسبة لدولة الإمارات، بما فيها قطاع الطيران، السياحة، البناء والتعمير، وخدمة العملاء. لذا، نقوم بتدريب طلاب البرنامج على التفكير في التحديات على المستوى الوطني، وطرح الأسئلة ذات الصلة مثل ماذا لو احتل حادث محلي عناوين الأخبار العالمية؟ كيف تعمل على حماية سمعة الدولة والحفاظ على الشفافية في آنٍ واحد؟"، حسب ما جاء على لسان د. ميدفيديفا.
ومن أبرز نقاط القوة الفريدة الأخرى لهذا المقرر ارتباطه الوثيق بطبيعة الوظائف والمهن، حيث يتم تشجيع طلاب البرنامج على اختيار مواضيع لمشاريعهم ترتبط بمناصبهم الحالية، أو بأهدافهم المهنية. وبالتزامن مع تنامي أهمية التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر، التي أصبحت من المهارات الحيوية المطلوبة لتقلد المناصب في الهيئات الحكومية، الوكالات الإعلامية، وقطاع الشركات داخل دولة الإمارات، سينهي الخريجون البرنامج وهم على أتم الاستعداد للقيادة، ليتخطى دورهم حدود رد الفعل، وهو ما اختتمت به د. ميدفيديفا حديثها قائلةً: "نتحدث هنا عن كيفية منع الأزمات قبل حدوثها في المقام الأول، وهذا هو جوهر القيادة الحقيقية".
الخلاصة
في خضم التطور والنمو السريع الذي يشهده قطاع التواصل والاتصالات في الوقت الراهن، يعد التمتع بالقدرة على إدارة الأزمات والتواصل بشأن المخاطر بفعالية من الأمور الحيوية والضرورية. وسيتم تسليح طلاب برنامج الماجستير هذا في جامعة زايد بالأدوات الاستراتيجية، الأسس النظرية، الرؤى الواقعية المطلوبة لتحقيق النجاح في قيادة العلاقات العامة خلال أوقات الشك، عدم اليقين، والتغيير. حيث سيتم إعداد الخريجين للعمل كقنوات وصل تعكس أعلى معايير الفعالية والأخلاق المهنية على مستوى القطاعين العام والخاص، بدءاً من كيفية صياغة السردية العامة، وصولاً للحفاظ على ثقة الأطراف المعنية.
الأسئلة الشائعة
-
ما هو التواصل في إدارة الأزمات والمخاطر؟ وما هي الأهمية التي يلعبها في سوق العمل اليوم؟
التواصل خلال الأزمات هو الممارسة الاستراتيجية لإدارة المعلومات بفعالية، والتصورات العامة التي من شأنها أن تلقى صدى لدى مختلف فئات الجمهور خلال الأزمات، وذلك بهدف احتواء الأضرار، حماية الأطراف المعنية، والحفاظ على مصداقية المؤسسة. ويحظى التواصل خلال الأزمات بأهمية بالغة للأسباب التالية:
-
- سمعة المؤسسة: كيف بإمكان إدارة الأزمة حماية الصورة العامة للمؤسسة، أو الإضرار بها بشكل لا يمكن إصلاحه.
- سرعة وسائل التواصل الاجتماعي: نظراً لسرعة انتشار المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعتبر صياغة الاستجابات ضمن الزمن الحقيقي وإدارة السرديات عبر الإنترنت بفعالية من الأمور الضرورية لمنع التصعيد.
- الصدق والشفافية: يتوقع الجمهور تلقي الأخبار الصادقة خلال الأزمات، حيث تساهم الرسائل الواضحة والشفافة في الحفاظ على الثقة، أو حتى إعادة بنائها.
-
- كيف تختلف خطة التواصل في الأزمات عن خطة إدارة الأزمات؟
تُركّز خطة التواصل في الأزمات بشكل خاص على كيفية تواصل المؤسسة قبل، وأثناء، وبعد الأزمة، وذلك باستخدام قنوات تواصل واضحة، بث رسائل موجزة، وتبني استراتيجيات ترتكز على مصلحة الأطراف المعنية. من جهةٍ أخرى، تحدد خطة إدارة الأزمات المنهجية العامة لإدارة الأزمة، بما في ذلك تقييم المخاطر، تنسيق مستوى الاستجابة، تخصيص الموارد، وخطط التعافي.
- هل يُشترط تقديم رسالة ماجستير خلال هذا البرنامج؟ وماذا تتضمن؟
ينبغي على طلاب الدراسات العليا إكمال المقررين البحثيين التاليين:
- ندوة البحث التطبيقي COM650 (3 ساعات معتمدة): يُركّز المقرر على تطوير مراجعة القراءات ذات الصلة، اختيار منهجية تطبيقية محددة، واستخدام أساليب التحليل المناسبة مثل SPSS بهدف إنتاج مقترح بحث تطبيقي.
- مشروع بحث التخرج COM651 (3 ساعات معتمدة): يتألف مشروع التخرج من ثلاث مقررات متكاملة على غرار الندوات الدراسية، على أن يُتوج بمشروع بحثي يتناول فيه الطلاب الفهم النظري لمشكلة ما، مع اقتراح وتطبيق بحثٍ أصلي، والتوصية بتطبيق الحلول ذات صلة. يعمل هذا المشروع على توضيح القدرات العلمية الرئيسية، بما فيها الفهم النظري، التحليل، وكتابة المعرفة التطبيقية. وعادةً ما يربط العديد من الطلاب مشاريع التخرج بمشكلات الصناعة التي تواجههم داخل مؤسساتهم. كما توفر التطبيقات الواقعية فرصة ممتازة لربط دراسة ومشاريع الخريجين بالسياق المهني، التي غالباً ما تُقدم استراتيجيات وحلول مفيدة لأصحاب العمل الذين يعمل لديهم الطلاب.
- ما هي فرص التقدم الوظيفي التي توفرها درجة الماجستير في إدارة الأزمات والمخاطر؟
تحتاج المؤسسات، التي تتراوح أحجامها ما بين شركات متعددة الجنسيات ومنظمات غير حكومية وصولاً إلى الهيئات الحكومية والشركات الصاعدة، لوجود خبراء مختصين مهرة قادرين على توقع، إدارة، والتعافي من الأزمات. ومن المسارات الوظيفية المتاحة أمامهم خبير علاقات عامة، مدير التواصل بين الشركات، المتحدث الإعلامي، خبير التواصل في الأزمات، ومسؤول بالشؤون الحكومية.
- ما هي فرص التقدم الوظيفي التي توفرها درجة الماجستير في إدارة الأزمات والمخاطر؟
أجل، بإمكانك ذلك، فبرنامج ماجستير الآداب في الاتصال، مع خيار دراسة العلاقات العامة الاستراتيجية، من جامعة زايد متاح أمام الطلاب والطالبات من كافة الجنسيات، ومن مختلف الخلفيات الأكاديمية، بما فيها الأعمال والعلوم.
التحق اليوم بركب برنامج ماجستير الآداب في الاتصال، مع خيار دراسة العلاقات العامة الاستراتيجية، من جامعة زايد لتكتسب الخبرة والمعرفة اللازمتين لحماية السمعة، إعلام الجمهور، وتحقيق النجاح بتوجيه المؤسسات عبر المسارات غير المتوقعة بكل ثقة. تواصل مع كلية علوم الاتصال والإعلام
رقم الهاتف:
(+971)2-599-3605
:البريد الإلكتروني